الرنامج العام

إعلان ترامب وقف عدوانه على اليمن.. ما التبعات ؟

“إنه ليس اتفاقاً، لقد قالوا من فضلك توقف عن قصفنا، وسنتوقف عن قصف السفن فوافقت”. لسنا بحاجة للتعريف بالمتحدث الذي قال هذا الكلام، فهو بات معروفا للجميع بلغته المتدنية والتي تشبع أكثر غروره ونرجسيته بدلا من بيانها لما جرى او يجري، انه الرئيس الامريكي دونالد ترامب، وجاء كلامه هذا رداً على سؤال أحد الصحافيين، بشأن تفاصيل قراره بوقف عدوانه على اليمن.

-الاخبار التي باتت تتوالي تكذب كلام ترامب، فالعالم اجمع يعلم ان امريكا لا تفاوض طرفا “ضعيفا مستسلما”، هذا اولا ، ثانيا، تبين ان ما جرى في الكواليس هو “اتفاق”، سعى اليه ترامب من اجل الخروج من مأزقه في اليمن ، عبر واسطة عمانية، وقد ارسل مبعوثه الى الشرق الاوسط الى عمان ستيف وايتكوف، من اجل التوصل اليه، حتى انه اجل موعد المفاوضات النووية مع ايران من اجل ذلك، وهو ما كشفت عنه وسائل اعلام امريكية.

-بات واضحا ان بعد الخسائر الجسيمة التي تحملتها امريكا جراء عدوانها على اليمن، والتي كانت اخرها سقوط طائرة اف 18 ثالثة في البحر الاحمر، اثر استهداف القوات المسلحة اليمنية لحاملة الطائرات ترومان، وعدد كبير من الطائرات المسيرة من طراز إم كيو 9 التي تعتبر فخر الصناعة الأميركية، هذا بالاضافة الى الخسائر البشرية التي تتستر عليها امريكا، فلو كان ترامب كما يدعي بنصره الزائف على اليمن، لما تدخل الكيان الاسرائيلي في العدوان على اليمن بعد اكثر من شهر من القصف الامريكي، بعد استهداف مطار بن غوريون، فهذا التدخل هو اعلان عملي عن فشل امريكا في اليمن.

-كل الحكاية، كما اعلن عنها رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن مهدي المشاط، هي ان أن الجانب الأمريكي تم إبلاغه بشكل غير مباشر بأن استمرار التصعيد العسكري سيؤثر سلبا على زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة، وهذا كان فحوى الرسالة الوحيدة التي تم إيصالها للأمريكيين، دون أي رسائل إضافية، ويبدو ان ترامب يأخذ تهديدات اليمنيين على محمل الجد، فتلقف الرسالة اليمنية مرعوبا، فسارع بارسال وايتكوف وفتح عبر سلطنة عمان قناة مع اليمن، لوقف تبادل القصف بين “امريكا القوة الاعظم في العالم” وبين القوات المسلحة اليمنية، وهذا الامر بحد ذاته انتصار لليمن، واعتراف رسمي من امريكا بشرعية حكومة صنعاء التي باتت تتفاوض مع امريكا بندية.

-لنفترض ان المستمع الى كلام ترامب هو انسان ساذج، ولكن مهما بلغت سذاجة هذا المستمع الا انه لن ينسى الاهداف التي وضعها ترامب لعدوانه على اليمن، فترامب المتغطرس أعلن انه لن يبقى هنالك شيء اسمهم أنصار الله، ولن تبقى لهم اي قيادة، ولن تبقى هنالك أي قدرات عسكرية لهم، وأنه لا يستطيع أحد أن يمنع “السفن الإسرائيلية” من الوصول إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة، ترى اي من هذه الاهداف تحققت؟.

-ترامب وبالاتفاق مع اليمن، اخرج امريكا من ورطتها في اليمن، ويبدو انه تخلى عن “إسرائيل” وعن حمايتهها وتخلى عن حمايته للمرتزقة اليمنيين، الذين عجزوا حتى عن القيام بمعركة برية تحت غطاء قصف امريكي كثيف. وحسن ما فعله ترامب عبر الحفاظ على ما تبقى لامريكا من هيبة، عندما قرر التنحي جانبا، وترك اليمنيين يؤدبون مجرمي الحرب الصهاينة.

-اما الموقف اليمني من نصرة غزة فلم يتزحزح، فصنعاء لم تطلب شيئا من الأميركيين، بل تلقت عروضا لوقف النار عبر وسطاء، ولا يشمل وقف النار هذا الكيان الاسرائيلي، فمن ساند هذا الكيان يعتبر جزءا من المعركة ومن تخلى عن مساندة الكيان فلا تتعرض له القوات المسلحة اليمنية، مهما تذرع بذرائع او حتى اعلن الانتصار كما يحلو لترامب ان يعلن، المهم هو ان يتنحى ويترك الكيان في مواجهة رجال اليمن، الذين لن يتوقفوا عن اسناد الفلسطينيين، مهما كانت التضحيات، حتى يضطر صارغا وقف الابادة الجماعية في غزة.

قد يعجبك ايضا