إثر الضربات اليمنية ..نائب الرئيس الأمريكي يعترف بانتهاء هيمنة واشنطن البحرية والجوية
في أعقاب واحدة من أكثر المعارك العسكرية مرارةً في تاريخ البحرية الأمريكية الحديث، والتي شهدت اضطرار الأسطول الأمريكي إلى الانسحاب من البحر الأحمر تحت ضربات الطائرات المسيّرة والصواريخ اليمنية، ألقى نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس خطابًا لافتًا خلال مراسم تخريج دفعة 2025 من ضباط البحرية، مُقرًّا فيه بتحول عميق في طبيعة الحروب، وضرورة إعادة بناء العقيدة العسكرية الأمريكية.
الخطاب الذي نُشر كاملًا على موقع Capital Gazette، جاء كاعتراف ضمني بأن التفوق التقليدي الأمريكي لم يعد كافيًا، إذ قال فانس:”يجب على مشرّعينا وقياداتنا العسكرية على حد سواء أن يتعلموا التكيّف مع عالمٍ تُلحق فيه الطائرات المسيّرة الرخيصة، وصواريخ كروز المتاحة بسهولة، والهجمات الإلكترونية أضرارًا بالغة بأصولنا العسكرية وأفراد خدمتنا”.
وأكد نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس أن عصر الهيمنة الأمريكية على البحر والجو والفضاء انتهى وعلى الولايات المتحدة وجيشها أن يتكيفا. وأضاف : لقد تدخلنا في اليمن بهدف “دبلوماسي” لا نورط فيه قواتنا في صراع طويل الأمد.
كلمات فانس تعكس صدمة مؤسسات القرار العسكري من نتائج المواجهة في البحر الأحمر، والتي أظهرت أن خصومًا يمتلكون تقنيات منخفضة التكلفة قد ينجحون في كسر هيبة الأساطيل المتقدمة، بل وإجبارها على التراجع.
وأكد نائب الرئيس الأمريكي أن استمرار تمديد مهام حاملات الطائرات له كلفة بشرية جسيمة، مشددًا على أن القوات الأمريكية لم تعد تتحرك في فراغ سياسي، وأن القرارات يجب أن ترتكز على حماية المصالح الحيوية فقط، لا الانخراط في صراعات مفتوحة بلا نهاية. حيث قال فانس : “إدارة ترامب قد تراجعت عن المسار السابق. لا مزيد من المهمات غير المحددة، ولا مزيد من الصراعات المفتوحة. نحن نعود إلى استراتيجية قائمة على الواقعية وحماية مصالحنا الوطنية الأساسية” في إشارة واضحة إلى إعادة تقييم واشنطن لانخراطها العسكري العالمي.”
وفي تعليقه على دروس المعركة الأخيرة، شدد فانس على أن التهديدات لم تعد تنحصر في الأسلحة الثقيلة أو الجيوش النظامية، بل تمتد إلى “الطيف، والمدار الأرضي المنخفض، وسلاسل التوريد، والبنية التحتية للاتصالات”، حيث أصبحت التكنولوجيا أداة فعالة في إرباك الجيوش المتقدمة.
وفي خطوة تهدف لتجاوز إخفاقات الماضي، كشف نائب الرئيس عن توجه جديد في وزارة الدفاع الأمريكية قائلا “نحن لا نستثمر فقط في الأسلحة المتطورة مثل تلك الأسرع من الصوت، بل نركز أيضًا على التقنيات منخفضة الكلفة وعالية التأثير، مثل المسيّرات، التي قلبت ساحة المعركة رأسًا على عقب”
رسالة فانس، التي جاءت في لحظة مراجعة استراتيجية، توحي بأن المؤسسة العسكرية الأمريكية بدأت تدرك حجم التحول في موازين القوة، وأن زمن الحروب الباهظة والطويلة قد ولى، لتحل محله حقبة الحروب الذكية، متعددة الأبعاد، ومنخفضة الكلفة – ولكن عالية التأثير.
لا تستهينوا بالقدرات اليمنية
وفي الـ21 من مايو الجاري حذر القائم بأعمال رئيس العمليات في البحرية الأميركية “جيمس كيلبي” حكومة بلاده من الاستخفاف بالقدرات العسكرية اليمنية.
وقال القائم بأعمال رئيس العمليات في البحرية الأميركية “جيمس كيلبي” خلال جلسة نقاش بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في العاصمة واشنطن، إن جيش بلاده يراقب سلوك اليمنيين وأنهم يشكلون تحدياً كبيراً للولايات المتحدة.
وأضاف: “لقد شهدنا تزايداً في قدرات اليمنيين، أحياناً أسمع البعض في القيادة الأمريكية يتحدثون عنهم باستخفاف، إنهم ليسوا الصين، لكنهم يشكلون تحدياً كبيراً وهم يطاردون سفننا، لذا فإنه من المهم عدم الاستخفاف بهم، وأن الاستعداد لهذا التحدي والتهديد هو ما نركز عليه.
وأشار “جيمس كيلبي” إلى أنه من الخطأ الاعتقاد بأن اليمنيين سيكتفون بالصمت ويواصلون النهج ذاته، مؤكداً أن القوات اليمنية حتماً ستغير من تكتيكاتها، لذا على واشنطن أن تراقب ذلك وتفكر ملياً فيما سيتغير حتى تتمكن من الاستعداد.
على الكيان الصهيوني اعتياد الصواريخ اليمنية
في ذات السياق قال مسؤول صهيوني، إن على الاحتلال الإسرائيلي أن يعتاد على الصواريخ القادمة من اليمن ويجعل الأمر طبيعياً طالما استمر العدوان والحصار على غزة.
وأكد القائد السابق لقوات الدفاع الجوي الصهيوني “زفيكا هايموفيتش” أن الكيان يعرف أنه لا يستطيع ردع اليمنيين بالغارات الجوية، مبيناً أن مفتاح الحل لوقف الصواريخ القادمة من اليمن هو إنهاء العدوان والحصار على غزة، وحتى ذلك الحين سيكون الاحتلال مضطراً لتعليق آماله على أنظمة الدفاع الجوي غير المحكمة.
وأوضح “هايموفيتش” في مقال نشره على موقع “والا” العبري، أن الكيان الصهيوني، مثل الولايات المتحدة، يعرف أن اليمنيين لا يمكن ردعهم بالغارات الجوية، وليس في شهر ونصف من الحملة الجوية، ولا في 19 شهراً من العدوان الذي ينفذه الاحتلال، مشيراً إلى أن الحروب والحملات العسكرية لا يمكن كسبها بالضربات الجوية وحدها، وبالتأكيد ليس ضد الدول الموجودة على هذه المسافة البعيدة، في إشارة إلى اليمن التي تبعد عن الأراضي المحتلة حوالي 2100 كيلومتر.
وأضاف المسؤول الصهيوني الذي يعمل كمستشار في منظمة “مايند إسرائيل” البحثية، أن الحصار الجوي المفروض من قبل القوات المسلحة اليمنية على الكيان ليس كاملاً، ولكن في الأسبوعين الأخيرين شهد الجميع وقف رحلات العشرات من شركات الطيران، مؤكداً أن ذلك سبب ضرراً اقتصادياً هائلاً، حيث تؤدي تهديدات اليمنيين وإطلاقاتهم المستمرة للصواريخ والطائرات المسيرة إلى تأخير عودة شركات الطيران إلى الأراضي المحتلة.
وَاعتَبَرَ “هايموفيتش” أن مفتاح الحل يكمن في إنهاء العدوان على غزة، وإطلاق سراح الرهائن، لأن هذا من شأنه أن يؤدي على الفور إلى وقف إطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي المحتلة، مضيفًا: “وحتى ذلك الحين، سيضطر ملايين المُغتصَبين إلى الهروب نحو الملاجئ مع دوي صفارات الإنذار كل بضعة أيام أو أكثر، على أمل أن يتم اعتراض الصواريخ اليمنية بواسطة أنظمة الدفاع الجوي، وسنسمع بين الحين والآخر عن عدوان صهيوني جديد يهاجم نفس الموانئ البحرية والجوية في اليمن، وهكذا دواليك”.
واختتم قائلاً: “يمكن لليمنيين أن يستمروا بنفس الأسلوب في إطلاق الصواريخ على الكيان الصهيوني لفترة طويلة، فهم يملكون مساحة في الإنتاج والإمداد ولديهم الدوافع الأيديولوجية، وهكذا تبدو المعركة التي لا نهاية لها”.